فن الارتجال
مقدمة :
الارتجال هو إنجاز عفوي مباشر لفكرة فنية من غير تصميم أو تدوين سابقين ، يؤديه الشاعر مبارزاً ومنافسا، والمغني غناء ، والموسيقي في أثناء العزف على آلته الموسيقية ، كما نرى الارتجال أيضا أثناء ممارسة الطقوس الدينية او الاحتفالات الاجتماعية التي كثيرا ما تضم مساحة خصبة لحرية المؤدي ضمن مسارها أو خطها العام , كما أن الارتجال كان معروفا في مختلف الحضارات على شكل مهارات و ألعاب تقوم على ابتكار شيء ما يقوم به المؤدي أو اللاعب .
و يختلف مفهوم الارتجال في كل حضارة عما سواها، ففي البلدان العربية نجده في الموال والتقاسيم الحرة أما في الحضارة الغربية نجده في الموسيقى الكلاسيكية وخاصة في فقرة ” اداء حر” وهي فقرة كان يرتجلها المغنون في الاوبرا لإظهار مهاراتهم الصوتية والادائية ثم أصبحت فيما بعد مقطع تتضمنه إحدى حركات الحوار في قالب كونشرتو وهذا الجزء يرتجله العازف ليبرز مهارته في الأداء .
إذن فالارتجال في كل مجالاته ” ابتكار آنٍ ، ابن اللحظة التي لم تكن من قبل ، ولن تكون من بعد “. وكل ما يخرج عن ذلك فصناعة مسبقة .
أما الارتجال في سياقه الفني يعني اختراع أو طريقة لجعل الأشياء تحدث بعفوية بدون أي تحضير. و في الدراما، تحمل كلمة ارتجال العديد من المعاني، و لكن في هذا السياق، سنكتفي بالتعريف التالي: الأداء بدون تحضير .
و لقد بدأ المسرح بالارتجال الفطري الطبيعي الذي كان يتسم بالعفوية والتلقائية ضمن مرحلة الظواهر المسرحية ، قبل أن ينتقل إلى مرحلة الحفظ والتنظيم ، وإخضاعه لسلطة التأليف والإخراج . وقد اعتمد المسرح دائما ومنذ زمن بعيد على قدرة الممثل على الارتجال في مواقف معينة كما يحـدث في المشاهد الكوميدية ومسرحيات الفارس المستوحاة من التراث الشعبي .
و أصل كلمة ارتجالImprovisation حسب تعريف (المعجم المسرحي) للدكتورة ماري الياس و الدكتورة حنان قصاب، في الفعل الايطالي improvisare الذي يعني تأليف شيء ما من دون تفكير أو تحضير مسبق، وهو مأخوذ في الأصل من الكلمة اللاتينية improvises التي تعني ماهو غير متوقع، وفي اللغة العربية ” أن يقوم به من غير ان يهيئ له ” .
وعلى الرغم من كون المسرح اليوم يقوم على ضبط النص وحفظ الأدوار حفظا دقيقا، إلا أن للارتجال مكانة هامة في المسرح المعاصر سواء في مسرح الكبار أم في مسرح الطفل ؛ لما للارتجال من أهمية كبرى في تكوين الممثل وتدريبه أو مرحلة أولية في تكوين دور معين أو جزء من عرض مسرحي . ويستلزم الارتجال أن يكون صاحبه ذا موهبة فنية عالية .
بدايات فن الإرتجال
لا يوجد تاريخ محدد لظهور الارتجال في العروض المسرحية فهناك من يرجعها إلى القرن العاشر قبل الميلاد ، حيث تم تسجيل وجود مؤدين في الصين تقوم أعمالهم على الارتجال ، و البعض يرجعها الى القرن السادس قبل الميلاد – قبل ظهور التراجيديا الإغريقية – في الارتجالات الديثرامبية ( الأغاني التي كانت تمجد ديونيسوس في أعياده ) ([1]) التي هي الاب الشرعى للدراما ، و حتى بعد ظهور الدراما الإغريقية كتب أرسطو ([2] ) أنه كانت توجد أجزاء ارتجالية في الدراما نفسها في عام 335 قبل الميلاد .
و البعض يرجع بداية ظهورها عندما بدأ الكتاب الرومان فى كتابة الدعابات والنكات والمواقف غير المخططة التي كانت تحدث على المسرح في القرن الأول قبل الميلاد والتي تدل على حاضر مرتجل يتعامل مع المشاكل العائلية مثل الموجودة في الرموز التاريخية والأسطورية حيث أصبح الأتالان فارس Atallan Farce أول مجموعة مرتجلة معروفة في تاريخ المسرح
الأتالان فارس
كانت الأتيلان فارس ( أو التمثيلية الأتلانية ) مهزلة مقنعة نشأت في إيطاليا بحلول عام 300 قبل الميلاد وظلت شائعة لأكثر من 500 عام . و في الأصل كانت عبارة عن تمثيلية تقدم باللغة الاوسكية الخاصة بمجتمع اتيلا وتم جلبها الى روما بجميع خصائصها ، كانت تلك المهازل مرتجلة ولم يتم تسجيلها . و لكن هناك أدلة نادرة على وجودها خاصة على المزهريات القديمة ، التي رسمت عليها المشاهد و الشخصيات . أما الأدلة الأدبية الموجودة فهى تحتوي فقط على أجزاء منها مع 400 سطر وعناوين ما يقرب من 115 مهزلة مسجلة من القرن الأول قبل الميلاد من قبل مسرحيي تلك الفترة . و تشير العناوين الباقية إلى أن Atellana كانت تهدف إلى الترفيه عن الجمهور في أيام العطلات وأيام السوق و تتضمن مواقف مضحكة قصيرة أو لوحات درامية تستغرق ما بين 20 و 30 دقيقة ، تتصل فيما بينها بخط رئيسي و تتكون من التورية واللعب بالخيول والألغاز ذات الطبيعة المبتذلة و تميزت بالخشونة والفحش ، و اعتمدت على أداء الممثل و مدى قدرته على الايماء و الارتجال من اجل الإضحاك .
و كان يتم تحديد الموضوعات والشخصيات قبل بدء الأداء مباشرة من خلال حوار مرتجل تصاحبه في بعض الأحيان الاغانى و الكثير من التمثيل الايمائى . و كان كل المؤدين من الذكور الذين يستخدمون الاقنعة ، وهي اقنعة شخصيات ثابتة مثل شخصية ماكوس (الشخص الغبي الابله) وبابوس (العجوز المخبول) ودوسينوس (الاحدب) و صارت تلك الشخصيات النمطية مشهورة في ذلك العصر
و عندما تم إحياء مسرحيات Atellan في القرن الاول قبل الميلاد قام بتقديمها ممثلون محترفون ، إلا أنه في عام 28 بعد الميلاد تم طرد اللاعبين من إيطاليا بسبب المطالب السياسية و النقد الاجتماعى الساخر الذى كان سمة عامة لتلك التمثيليات ، حتى تم وصف صناعها بأنهم ” سعوا في كثير من الأحيان إلى تعكير صفو السلام العام ، وجلب العار على العائلات الخاصة ، وأصبحت تلك المهازل التي كانت ذات يوم تسلية بائسة للمبتذلين ، غير لائقة ” . و لذا طاردتهم السلطة في روما في حملة ضخمة حتى تم القضاء على مقدمى تلك التمثيليات . و يقال انهم لجأوا الى بيزنطة من جراء هذا الاضطهاد .
تبع ( الاتالان ) العديد من العروض الارتجالية منها فيتشينى فيرساتشى Fesciennine Versece في روما ، التى تتكون من ديالوجات بذيئة مرتجلة يتم تبادلها بين المهرجين في مواسم الحصاد . التى يقول هوراس Horas ([3]) أنها أساس الدراما اللاتينية . ثم عادت في عصر النهضة في إيطاليا بشكل قوي في شكل الكوميديا ديلارتي ، و ترجمتها باللغة الإنجليزية : a play of professional artists. و قد ترجمت الى العربية الى : كوميديا الفن، كوميديا الصنعة ، الكوميديا الشعبية ، كوميديا الارتجال او الكوميديا الإيطالية .
الكوميديا ديلارتى
كوميديا ديلارتي شكل من أشكال المسرح الشعبي الذي يقوم على الارتجال الجماعى من خلال إطار ثابت من الأقنعة ( الشخصيات ) و قد طور اللاعبون المحترفون – الذين تخصص كل منهم في دور واحد طوال حياته – تقنية تمثيل هزلي لا مثيل لها ، مما ساهم في شعبية فرق الكوميديا المتجولة و انتشارها . و على الرغم من التصوير المعاصر لسيناريوهات تلك العروض والأقنعة وأوصاف عروض تقديمية معينة ، فإن الانطباعات اليوم عما كانت عليه كوميديا ديلارتي هي معلومات غير مباشرة ، فالفن ضائع ، و مزاجه وأسلوبه لا يمكن استرداده ، بل اننا لا نعلم على وجه اليقين منشأه ، إلا أن معظم الباحثين يرون أنها مستمدة من الكوميديات الاغريقية والرومانية القديمة ، و من الأكروبات و تقاليد الكرنفالات مع الابتعاد عن النقد السياسى و الاهتمام بالموضوعات الاجتماعية .
أول عرض موثق للكوميديا ديلارتى كان فى بدوا بإيطاليا عام 1545 ،فى ذلك الوقت كان المجتمع الإيطالى مزدحم بالأكاديميات الأدبية و العلمية والبحثية ، و كانت تلك الأكاديميات تحمل أسماءا مميزة مثل المستنير luminati (“the enlightened”) ، المقدام , Intrepidi (“the intrepid”) الحيوى the Animosi (the animated ، و على غرارهم ، أطلقت أسماء شبيهة لهم على الفرق المسرحية مثل المتحمس the Gelosi (“the zealous”) ، الواثق the Confidenti (“the Confident”) ، و الإتحاد the Uniti (“the Union”).
إن تطور الكوميديا ديلارتي مستلهم من الارتجالات الخاصة بأتالان … فقد بدأت تلك الكوميديا مبكراً في 1500 وازدهرت ما بين 1550 -1575 . كوميديا غير مكتوبة ، تتكون من مجموعة من الديالوجات وليدة اللحظة ؛ الشخصيات والحبكة والأماكن كان يتم تحضيرها مسبقاً تشبهاً بالاتلان فارس التي كانت تعتمد على شخصيات نمطية ترتدي أقنعة وملابس محددة … فقد أنشأت الكوميديا ديلارتي مجموعة من الشخصيات الثابتة تتكون من العشاق والخدام و الأشرار و الى جانب تلك الشخصيات احتفظت ببعض المواقف و الأماكن من خلال سيناريو قد وضع مسبقاً بحيث إن الممثلين فى أى فرقة يكون لديهم ترسانة أو مخزون من السيناريوهات المألوفة ، ومع ذلك كانت غالبية تلك الكوميديات ضد فكرة كتابة حوار الممثلين . و ما بين عام ( 1618 – 1622 ) جمع باسيليو لوكاتيلى Basilio Locetelli نحو 103 من هذه السيناريوهات . و على الرغم من وجود هذه السيناريوهات ، إلا أن الفن الإرتجالي كان يصنع فى لحظته ، ويتم تقديمه لحظتها ، إخراجها خارج إطار تلك اللحظة هو إخراج لها خارج سياقها ، مما يفقدها حق تقدير عبقرية حدوثها .
كانت فرق الكوميديا ديلارتي تتنقل مصطحبة معها كل ما تحتاج إليه من أدوات ومهمات مسرحية ، بالإضافة إلى خشبة مسرح متحركة وبسيطة يمكن وضعها في أي ساحة عامة ، لذا وضعت معظم عروض الكوميديا ديلارتي لكي تمثل في ميادين عامة أو بين المنازل ، و كلما اصبحت الفرق أكثر نجاحاً كانت فرصتها أكبر في أن تحصل على راعي غني لها ، يضمن لهم مسارح يؤدون عليها عروضها . و حتى مع وجود أماكن دور عرض ثابتة ، إلا أن تلك الفرق كانت تحافظ على المهمات المسرحية والسيناريوهات و لا تتوقف عن التجوال في نفس الوقت .
وقبل الكوميديا ديلارتي لم يكن متاحاً للنساء التمثيل فى المسارح ، ولكنها كسرت هذه التقاليد ورحبت بالممثلات ؛ بعضهن كن مشهورات لمهارتهن الارتجالية والكوميدية مثل إيزابيلا أندرينى Isabella Andreini 1562- 1604 ، التى كانت عضوة بفرقة إل جيلوسي ، وكانت أشهر ممثلة في عروض الكوميديا ديلارتي ، لدرجة أن الفتاة العاشقة فى مسرحيات الكوميديا ديلارتى سميت تيمنا بها .
و في اواخر القرن السادس عشر الميلادى كانت تلك الفرق تسافر في أنحاء أوروبا ، حتى وصلت أسبانيا و فرنسا وإنجلترا وألمانيا ، ثم تحولت الكوميديا في القرن السابع عشر الى خارج إيطاليا بسبب النجاح ، الى أن احتضن المجتمع الفرنسي المسرح الايطالى و دعموا فرقه و تطورت بعض الشخصيات لتناسب الذوق الفرنسي ، فقد كان كلا من الملك لويس الرابع عشر و لويس الخامس عشر – ملكا فرنسا – يستمتعان بالكوميديا ديلارتي ، لكن لويس الرابع عشر نفى كل الممثلين الإيطاليين من باريس لأنهم كانو يسخرون من عشيقته ، ثم عادوا من خلال أمر لويس الخامس عشر.
و بسبب نجاح الكوميديا المرتجلة و انتقالها الى عدة دول سنجد أسماء مختلفة لشخصياتها في كل بلد و لكن تظل سمات الشخصية كما هي و اهم تلك الشخصيات هي :
أولا الرجال :
-
بما أن الحب هو موضوع أساسى في الكوميديا المرتجلة لذا سنجد أن المحبين و العشاق فيها كثيرون و جميعهم يتمتع بالجمال و الوسامة و يجيدون الاهتمام بالنساء و لكن برغم ذلك يثيرون الضحك و منهم السيلفيو ، أوتافيو ، لياندرو ، فيدريكو ، ليليو ، ماريو . و أغلبهم من الخدم لكن أشهرهم هارلكان أو أرلكان و هو خادم أمين يسحر السيدات بخفته ولباقته
-
بانتالون : عجوز متصابى ، طويل اللسان ، بخيل . إما أن يكون متزوجا من فتاة اصغر منه و تخدعه ، أو لديه إبنة متمردة تحب على غير ارادته ، و هو جبان و يدعى الشجاعة ، فيهدد و لا يفعل ، و تنتهى المسرحية دائما بالانتصار عليه
-
بدرولينو : الخادم الفتان الساذج.
-
باجيلياشيو : شخصية عامية فظة و بذيئة
-
برجيللا : من فئة الأشرار و هو قاتل مأجور يجسد القسوة الممزوجة بسحر ذكوري خاص
-
سكابينو : عاشق مخادع يلاحق الفتيات الخادمات ليس بدافع الحب ، بل له أغراض أخرى و سرعان ما يهرب عندما يتورط
-
سكاراموش : شهواني وسكير
-
الكابتن : جندي محترف ومأجور, يقترف القتل لأجل المال وليس لأجل المبادىء.
-
بولسينيللا : شخص مشوه جسديا مما يشعره بالمرارة ويملأ روحه بالحقد والكراهية.
وقد تغير اسم هذه الشخصية مع انتقالها إلى إنجلترا, فأصبح (بولشينيللو), وأحيانا يطلق الإنكليز عليها اختصارا اسم (بانش) و انتشرت تلك الشخصية حتى صارت لها عروضها الخاصة من خلال مسرحيات الدمى Punch-and-Judy
-
الدكتور : طبيب يتفلسف دائما و يدعى العلم بكل شيئ و كثير الحديث الى درجة الملل
-
ستينتا ريللو : عبيط القرية الذى ينطق بالحكمة و بالتعليقات اللاذعة المبطنة بمعانى سياسية و اجتماعية و تربط المتفرج بواقعه المعاش . استعار كثير من الكتاب هذه الشخصية في أعمالهم بداية من مهرج مسرحية لير لوليم شكسبير و حتى اليوم .
النساء
برغم أن الكنيسة منعت النساء من التمثيل طيلة ستة عشر قرنا, فإن النساء تألقن في (الكوميديا دي لارتي) بشخصيات جميلة ، وظهرن دون أقنعة ، على عكس الرجال.
-
آناموراتا : أي المعشوقة و تمثل الفتيات الجميلات النبيلات هي الصديقة الدائمة للبطل (هارلكان) مفضلة إياه على أولئك العشاق الراغبين الذين يحومون حولها ملوحين بإغواءاتهم المادية. ظهرت آناموراتا بعدة أسماء و صفات مثل : فيورينيتا التي تجمع ما بين العقل والعاطفة ، إيزابيلا الرقيقة المحبة ، لكن تظل كولومبين أشهر الشخصيات الثلاث وأكثرهن دلعا وفتنة ، وكانت الممثلات الشهيرات يمنحن أسماءهن الخاصة للمعشوقة كما في حال إيزابيلا أندريني . و غالبا تظهر شخصية المعشوقة مع اختين لها هما ديا منتينا و أوليفيتا
-
كانتا رينا (أي المغنية) و بالارينا (أي الراقصة) شخصيات نسائية ثانوية تظهر لمجرد إضفاء عنصر الجمال على العرض
-
لاروفيانا : عجوز ثرثارة تدس أنفها في كل شيء ولكنها طيبة القلب
والجدير بالذكر أنه ليست كل الكوميديا الإيطالية مرتجلة ، ففي القرنين السادس عشر والسابع عشر كانت هناك مسرحيات كوميدية مدونة يطلق عليها اسم (كوميدا سوستينوتا) أما المونولوجات الفردية التي كان ممثلو (الكوميديا دي لارتي) يحفظونها سلفا على سبيل الاحتياط إذا ما هبط الإيقاع فكان يطلق عليها اسم (السينسيتي)
وقد كانت الكوميديا المرتجلة بشخصياتها و مواقفها ملهمة للعديد من الكتاب منهم وليم شكسبير وبن جونسن و ماريفو و موليير و قد ظهر الارتجال فى تجارب متفرقة مثل أعمال موليير في ” مرتجلة فرساي”(1663م)، و” مرتجلة” نقد مدرسة النساء”، و عندما بدأت شعبية الكوميديا ديلارتي تخبو بسبب إعتزال معظم الممثلين الماهرين أو بسبب وفاتهم و حُلت الفرق و اختفت حماسة الجمهور بسبب فقدان الفكاهة اللفظية و سيطرة الكوميديا الجسدية ، عندها أصبحت الأعمال الهزلية روتينية و فقدت حيويتها . و مع مرور الوقت ، توقف الممثلون عن تغيير الشخصيات ، بحيث أصبحت الأدوار مجمدة ولم تعد تعكس ظروف الحياة الحقيقية ، وبالتالي فقدت عنصرا هزليا مهما .
ثم عمد بعد الكتاب إلى رسم شخصيات الكوميديا ديلارتى ومواقفها فى مسرحيات محكمة ، من هؤلاء الكتاب كان كارلو جلدوني ومسرحيته الشهيرة التى عرضت عام 1735 ” خادم سيدين ” التى أخذت من سيناريو للكوميديا ديلارتي ولكن دون أن يتم أي إرتجال فيها من الممثلين أثناء العرض … لذا لا يمكن أن تصنف من الكوميديا ديلارتي .
الارتجال في مصر
عرفت مصر الارتجال قبل ان تعرف المسرح ، عرفته في فنون الموسيقى كالموال و العزف الحر او التقاسيم و في الشعر خاصة في مناظرات الشعراء ، و عرفته في فنون السيرة حيث كان الراوى يحفظ مقدمة ( المربع ) و نهايته و يرتجل في الباقى ، كما عرفته من خلال خيال الظل و الاراجوز ، و ظلت تلك الطرق و الوسائل قائمة لفترة طويلة .
أول من يحدثنا عن العروض المسرحية التي كانت مرتجلة بالتأكيد هو المستشرق أدوار وليم لين ، صاحب الكتاب الهام ” المصريون المحدثون ، شمائلهم و عاداتهم ” الذى يروى لنا تمثيلية شاهدها في قصر الباشا محمد على والى مصر وسط حشد من الضيوف من القناصل و الأجانب و الأعيان في احتفال عائلى بختان أحد الأبناء و التي قدمها مجموعة من المحبظين ، و هم لاعبون يجيدون الرقص و الغناء و التمثيل ، و يقدمون عروضهم في حلقات بالشارع و تمتلئ عروضهم بالفكاهة الخشنة و الالفاظ البذيئة و لا يدخل بينهم عنصر نسائى بل يقوم أحد الشباب أو الصبية بأداء الأدوار النسائية – برغم وجود الغوازى و لكنهم مجموعة أخرى تتخصص في الغناء و الرقص فقط – و ارتبطت عروضهم بالنقد الاجتماعى و كأنهم صوت المظلومين . و في عرضهم أمام الباشا و ضيوفه كانوا ينتقدون المسئولين عن تحصيل الضرائب و يقدمون بشكل ساخر مدى الظلم الذى يقع على الفلاحين .
فالارتجال ارتبط دائما و ابدا بالأحداث الجارية و بما يهم الناس و ما يؤلمهم و ليس أدل على ذلك مما سجله الدكتور حسين فوزى نقلا عن أحد الرحالة الذى شاهد تمثيلية خيال الظل التي ارتجل صاحبها مشهد اعدام طومان باى على يد سليم الأول بعد فتح مصر «على الشاشة تصاوير من الورق، تمثل رحبة باب زويلة، تحيط بها جنود غرباء، يخرج من البوابة رجل يركب أكديشا وربما جملًا، وينزل مرفوع الرأس، طويل اللحية .. يتسلمه المشاعلية ويضعون الحبل في عنقه، ثم يشدون الحبل فينقطع مرة، فيعاود المشاعلية وضعه حول عنق طومان باي، وينقطع الحبل مرة ثانية، وفي المرة الثالثة يتدلى الرجل وتستدير لحيته إلى أعلى، وتلعب ساقاه في الهواء برهة، ثم تسكن حركته»
إن هذا الارتباط بين الأحداث الجارية و خاصة السياسية – بلغة عصرنا – كان سمة مرتبطة بالارتجال على مر العصور منذ نشأته ، و هناك سمة أخرى ارتبطت بالارتجال في كل البلدان ، أنه كان يعتمد على أنماط محددة – و ليس شخصيات – كما في الكوميديا ديللارتى ، فنجد هناك أنماط ثابته في الارتجال المصرى مثل الخادم الذكى خفيف الدم و السائح الغبى و الزوج المخدوع … الخ
و لن نجد أفضل من يحدثنا عن الارتجال في مصر من استاذنا على الراعى الذى قدم لنا مرجعه الهام و الغير مسبوق : ” الكوميديا المرتجلة في المسرح المصرى ” حيث يقدم لنا السورى ” جورج دخول ” أول من حول مشاهد «القراقوز» إلى التمثيل بالبشر ، و يستشهد بأن الارتجال دخل الى المسرح المصرى مع أولى تجاربه على يد يعقوب صنوع الذى اضطر لتضمين احداث تمت بالصدفة اثناء عروضه المسرحية لتصبح جزءا اصيلا من العرض تحت إلحاح الجمهور ، مثل حادثة الممثل الذى اضطر الى التلقين فكان يقرأ النص بكثير من الأخطاء او في بطء شديد و في النهاية تشاجر مع الممثل . و أصر الجمهور على استعادة الفقرة يوميا .
و في مسارح أخرى كانت تدور معركة حامية بين الممثل و الجمهور نتيجة لتعليقاتهم و يدخلون ( قافية ) و في اليوم التالى تكرر نفس الواقعة حتى و لو لم تحدث تعليقات من الجمهور بأن تضع في الصالة من يقولها .
و بداية من ظهور الرقابة على المسرح في 1910 و تطورها بدأ حجم الارتجال يقل بسبب طلب وجود نص مكتوب قبل الإجازة بالعرض ، و لكن هروب الفنانين من تلك القيود كان ناجحا – برغم اشتراط نظارة الداخلية وجود عسكرى يراقب العرض كل ليلة – و تدريجيا مع تشديد القيود اختفى الارتجال و لكن ظلت تقاليده و شخصياته و مواقفه مستمرة في مسرح نجيب الريحانى و الكسار ، و ما بعدهم حتى صار الارتجال ” خروج على النص “
الإرتجال في العصر الحديث
يربط البعض من العاملين في المسرح بين الخروج على النص الذي يلجأ إليه بعض الممثلين في المسرح التجاري وبين الارتجال ويشيدون بمن يفعله كونه دلالة على سرعة البديهة ونوعا من الإبداع وبذلك يسيئون الى المصطلح ، فالارتجال يشترط أمران :
الأول : ألا يكون هناك نص متفق عليه ، و متفق على احترامه .
و الثانى : ألا يكون الارتجال مقصودا من أجل الاضحاك أو لإظهار مهارة فردية للممثل ، و ليس عفو الخاطر أو نتاج لموقف طارئ ، كتأخر دخول ممثل أو عدم استجابة احد الأبواب في الديكور لأن يفتح أو يغلق … الخ .
والملاحظ ان الخروج على النص لا يحدث إلا في عروض المسرحيات التي تنطق باللهجات العامية إذ تبقى اللغة الفصحى عصية على أولئك الذين يخرجون على النص بينما تبقى اللهجة أو اللغة العامية الدارجة سهلة المنال ومن هنا ينتج الاستسهال في المسرح التجاري الرخيص. و هنا يصبح الخروج على النص تشويها للحوار . و لا يتم الخروج على النص بإضافة حوار فقط ، بل إن تغيير الحركة المرسومة من قبل المخرج يعتبر خروجا على النص ، لأن كلا من الحوار أو الحركة لهما مفهومهما و دلالتهما و المبررات لهما ، و الخروج عليهما تغيير و تشويه لتلك الدلالات .
إذن : مفهوم الارتجال لا يعنى الخروج من النص كما يمارسه الممثلون فى المسرح المصرى ، ولكن الارتجال اسلوب اداء ينهض على تدريب الخيال والطاقة الانفعالية لتحقيق نوع من الاستجابات التي تعمق الصلة بين الممثل والمتفرج ، و قد كان جاك كوبوه[4] Jacques Copeau يؤكد لممثليه أن الارتجال الصحيح هو الذى ينمو ويتطور عضويا من النص المسرحى ولا يأتى من خارجه , وينبغى ان يكون واضحا .
و قد أخذ الارتجال في العصر الحديث اتجاها جديدا ، فقد لجأ إليه بعض المؤلفين مثل جان جيرودو في ” مرتجلة باريس” (1937م)، وبيراندليلو في مرتجلته ” سنرتجل هذا المساء” أو الليلة نرتجل (1930م)، ويونيسكو في ” مرتجلة ألماAlma “ (1956م)، وكوكتو في “مرتجلة القصر الملكي” (1962م)، وغيرهم ،
كما أن بعض المخرجين قد لجأوا الى الارتجال ، فعندما ظهرت ( وظيفة أو مهنة ) المخرج في بدايات القرن التاسع عشر ، كانت أحد مهامه هي الحفاظ على النص ، و استجلاء معانيه و توضيح مساراته . و يولى ستانسلافسكى – على سبيل المثال – ضرورة أن يهتم المخرج بتوضيح ( الهدف الأسمى للنص ) أو الغرض من كتابته او رسالته الى المتفرج ، و يضعها مهمة مقدسة للمخرج و لفريق العمل . و لكن بظهور الاتجاهات غير الواقعية في الإخراج فقد اعتبر بعض المخرجين أن النص هو مجرد ( تكئة ) لتقديم العرض و ظهرت دعوات ( المخرج مؤلف العرض المسرحى ) الذى أجاز لنفسه التعديل و التبديل في النص و أحيانا ارتجال مشاهد فيه مثل مايرهولد و جروتفسكى .
على مستوى آخر نجد المخرجة الإنجليزية جوان ليتلوود Joan Littlwood [5] التي ظهر نشاطها المسرحي ما بين ثلاثينيات وسبعينيات القرن الماضي في إنجلترا قد بدأت مخرجة تقليدية تحافظ على النص ، و لكنها كانت تستخدم الارتجال لتدريب ممثليها ، فعلى سبيل المثال كانت تدعو الممثل الذى لا يتقن مشهدا ان يرتجله في ظروف أخرى كى يصل الى الإحساس الصادق ، فتطلب ممن يؤدى دور مسئول امام الملك أن يتخيل نفسه امام صاحب العمل الذى من الممكن أن يطرده ، و يرتجل المشهد ليعود بعد الوصول الى الإحساس الى المشهد الأصلى . و تدريجيا حاولت في أحد عروضها أن يرتجل ممثلوها المشاهد المكتوبة مرة أخرى و يعيد الكاتب صياغتها الى أن قدمت عرضا عن الحرب العالمية (أوه ، يا لها من حرب جميلة ! ) عام 1963 من ارتجالات خالصة لممثليها .
لكن حرية الإرتجال هذه لم تستمر، فقد صدر في عام 1968 قانون بريطاني يلزم على وجود نص كتابي للموافقة عليه من قبل مكتب لورد شمبرلين Lord Chimberline، اللذي كان يبعث بتحريين لبعض العروض من أجل اعطائهم موافقة على نصوص تلك العروض .
إلي أن تمت إعادة تطوير فن الارتجال من خلال كيث جونستون Keith Johneston وفيولا سبولين Viola Spolin.
أحس جونستون إن المسرح أصبح مُدعي ، وهذا لأن الانسان العادي فى الشارع ليس لديه الإهتمام للذهاب إليه . أراد إعادة المسرح للجمهور الذين يذهبون الى المباريات والمصارعات من خلال فرقة آلة المسرح Theatre Machine، فقد حاول أن يدمج عناصر المسرح والرياضة لكي يصنع هجين إسمه رياضات المسرح Theater Sports . أحضر فرقة رياضية وأعدهم من أجل مسرح إرتجالي ، حيث تتنافس تلك الفرق حول موضوع ارتجالى معين ،و تتم مكافأة الفرقة التى تبلى أفضل من خلال الحكام ، كما أنه من شأن الجمهور أن يشجع أحسن مشهد ويحفز الحكام . و قد أصبحت أفكار جونستون موجودة في كل مجموعة مسرحية مرتجلة ؛ أفكار التنافس و المكافآت.
أما فيولا سبولين فقد تعاملت مع الممثل على أنه لاعب وليس مؤدى ، و أبدلت كلمة الإحساس بالتجسيد . كانت تعمل على مساعدة الممثلين على التحرر ، و جعل ارتجالاهم في الاعتماد على أنفسهم لا اعتمادا على شخص أخر من خلال طرح اسئلة مثل أين ومتى ولماذا ؛ لذلك فإن الممثلين يبتكرون في المشاهد تلو الأخر من مواد جديدة ، ويتم وضعهم في بنية معينة ، وينصب تركيزهم على حل مشكلات مختلفة في التمارين ، وذلك تدريجياً حتى يتخلصوا من تصرفاتهم الميكانيكية ، ويصبحوا أكثر شعوراً ، ويدخلون خشبة المسرح صادقين ، احرار وطبيعين ومثقلين بتقنيات الإرتجال ..ومستعدين لأخذ الأدوار الصعبة في المسرحيات المكتوبة
و يصف البعض طريقة سبولين أنها ” نسخة أمريكية بديلة عن كتابة ستانسلافسكي في تدريب الممثل ” حيث يبتكر الممثل الشخصية من خلال الألعاب المسرحية ومن ناحيه أخرى ، تسمح للشخصية – كإمتداد لشخص اللاعب – أن تبرز تلقائياً ، أثناء لعب المؤدي مع زملاؤه ، فالفعل لا يتولد نفسياً وداخلياً كما في طريقة ستانسلافسكى ، ولكن من خلال التواصل مع الاخرين في الفضاء المحيط .
و من هنا نستطيع أن نقول أن هناك صورا متعددة لاستخدام الارتجال في المسرح الحديث :
-
في خلق عروض مسرحية بارتجال خالص ( مثل تجربة نحن و الولايات المتحدة لبيتر برووك و التجارب الأولى فى مسرح الشمس لإريان مينوشكين )
-
و هناك عروض أخرى تقوم على الارتجال على نص موجود أساسا ( كما في تجارب جروتفسكى و مايرهولد )
-
و هناك استخدامات أخرى للارتجال في بعض مناهج اعداد الممثل
-
استخدم بعض المخرجين الارتجال في التدريبات من أجل فهم أكبر للنص ( كما في تجارب جوان ليتلوود و ستانسلافسكى )
الإرتجال من أجل التدريب
من المهم معرفة الفرق بين الإرتجال من أجل صنع مسرحية و الارتجال من أجل التدريب على مسرحية ، تدريبات التمثيل عادةً هي تمرينات صوتية و جسدية للممثل ، و صنع المسرحية هو ترتيب تلك التمرينات و وضعها في سياق جماعى لإعطائها قوة درامية . فالتدريب على مسرحية او ما نسميها ( البروفات ) هي فرصة للممثل لخلق الشخصية المسرحية من الناحية النفسية و الجسدية ليصل الى تقديم ( أفعال و ردود أفعال ) الشخصية ، في سياق متفق عليه و معروف مسبقا ( النص المسرحى ) أما الارتجال فهو ارتياد للمجهول و كسر للمتوقع و المألوف و بلا إعداد مسبق .
و الارتجال يستخدم أيضا في إعداد الممثل للعرض ، و من التجارب الهامة فيه مجموعة التدريبات التي اعتمد عليها ستانسلافسكى من أجل إعادة بناء النص و الدور وإعداده في المرحلة الثانية من منهجه ، فقد استخدم استانسلافسكي الارتجال أثناء البروفات مع الممثلين من اجل مساعدتهم على أدراك دوافع و طبيعة وابعاد الشخصية . فالارتجال في البروفة له طابع بحثي ابتكاري و اجتهادي ضمن سياق العملية المسرحية وداخل اطار بروفات العرض المسرحي المحدد : ان ترتجل في البروفة ، يعني أن تتخذ مساراً بحثياً مؤسساً على فكرة المسرحية و الدور، ذاهباً لاكتشاف شكل أدائي ضمن الرؤية الفنية للعرض .
تقول فيولا سبولين في كتابها الارتجال للمســـــــرح (غالباً ما تعطي الارتجالات العامة الممثلين رؤية أعمق لما وراء كلماتهم ، وذلك بمساعدتهم على أن يروا الكلمة و يحققوا واقعاً للمشهد) ، وهذه العبارة مقنعة لان على الممثل ان يقرأ ما وراء السطور ويجعل كلمات الدور كلماته ويتصرف معها بشكل حقيقي صادق .
و كثير من المعاهد المسرحية العربية تتبني الارتجال كمنهج تدريبي في بناء العرض المسرحي. وفيها يكون على المخرج دفع الممثل أثناء التدريبات ليقدم اقتراحاته لدوره ولفهمه للشخصية من خلال السياق العام للمسرحية وضرورة الانسجام مع شريكه. ويطلب من الممثل أن (يتمرد) على (نمطية) فهم (الشخصية) أو الأفعال التي يرسمها لها. بغية أن يقدم ما هو أجمل وأعمق وأكثر انسجاماً مع فكرة المسرحية. وهذه الطريقة تحول الممثلين من (أدوات) تنفيذ لفكرة ورؤية المخرج إلى (مبدعين) لها، ومشاركين فاعلين فيها.
و هناك نوع آخر من الارتجال هدفه أيضا تدريب الممثل بشكل عام كما في تجربة مايرهولد في استخدام الارتجال لتحقيق مرونة عالية للجسد مستوحيا ذلك من كوميديا ديللارته و السيرك . و هذا يدلنا على أن للارتجال فوائد عديدة
الفوائد العامة للارتجال
إن الارتجال يطور إبداعك الذاتي واكتشاف الذات والتعبير عن الذات ، فهو يتعلق بالتواصل و كل شخص لديه حاجة إنسانية أساسية ليكون متصلا بشيء أكبر من نفسه ، و الارتجال يلبي هذه الحاجة حيث يستطيع الناس العمل معا لتحقيق شيء لا يمكنهم أبدا خلقه بأنفسهم . كما يجبرك الارتجال على أن تكون ( هنا ) في الوقت الحاضر حتى يحررك من قيود الماضي ، ففي الارتجال تصبح حاضرا في الوقت الحالي مع شخص آخر ، لذا فهو شكل نشط من أشكال اليقظة . والأهم من ذلك ، أن الارتجال هو وسيلة ممتعة للسفر في رحلة تحقيق الذات ، الضحك والصداقة هما مجرد اثنين من المنتجات الثانوية الطبيعية لدراسة فن الارتجال ، و لكن هناك فوائد أخرى كثيرة منها :
الإيجابية
الارتجال يساعدك على ممارسة الإيجابية. تساعدك قاعدة ( نعم و .. ) على التدرب على قول نعم لأفكار الناس ، بدلا من إنكارها دائما . أيضا ، تعد الحاجة إلى دعم زملائك في الفريق ممارسة جيدة لتكون شخصا أكثر دعما بشكل عام. و بغض النظر عما يحدث في الارتجال ، سيظل الجميع إيجابيين ومفيدين حتى يكون العرض المرتجل ناجحا قدر الإمكان.
الإبداع
أظهرت دراسات نفسية متعددة أن الارتجال يعزز التفكير المتباعد ( و هو أحد مناحى الإبداع ) . و يتم اختبار التفكير المتباعد من خلال تمرين نطلب فيه من المشاركين فيه ذكر أكبر عدد ممكن من الاستخدامات لشيئ ما ، مثلا الدراجة ، في ماذا تستطيع استخدامها غير الوصول من مكان لمكان آخر ؟ بعد عشرين دقيقة فقط من الارتجال ، سيتمكن المشاركون من التوصل إلى المزيد من الاستخدامات للأشياء اليومية ، و بالتالى ستزيد مقدرتهم على الابداع .
التعاون
الارتجال هو نشاط بنّاء قائم على التعاون ، إنه أخذ وعطاء إلى أقصى الحدود . و في النهاية ستجد نفسك ضمن فريق يخلق شيئا من لا شيئ .
الاستماع
يعتمد الارتجال على الاستماع . جزء من تمرين ( نعم و.. ) هو تكرار ما يقوله شريكك حرفيا قبل إضافة معلومات جديدة إلى المشهد. و لن يمكنك هذا قبل الاستماع أولا ، فعليك الاستماع إلى أسماء الشخصيات والتفاصيل الأخرى حول الأشخاص والأماكن والأفكار التي سيذكرها الزملاء . إذا لم يكن الأمر كذلك ، فإن المشهد سيصبح محرجا.
الجرأة
من المهم أيضا أن تكون جريئا عند الارتجال. عليك أن تخرج من الجدار الزجاجى الذى تختئ خلفه وتذهب إليه ، مع العلم أن شركائك سوف يقفزون خلفك مباشرة ويفهمون كل ما تفعله. كلما كانت مساهماتك أكثر جرأة ووضوحا ، أصبح من الأسهل على زملائك في الفريق العمل معهم.
المرح
عندما ترتجل ستكون أكثر مرحا لأن الأمر كله يتعلق بالاكتشافات وتجربة أشياء جديدة وهذه وصفة مؤكدة
اليقظه
الارتجال يمكن أن يساعد أيضا في يقظتك أو انتباهك ، فهو يختلف كثيرا عن التأمل ، فالارتجال يتطلب التركيز على شركائك في المشهد و على المشهد نفسه ، وهذا التركيز المكثف هو في الواقع عظيم لليقظة و الانتباه . الاستماع وقول نعم وهي طرق رائعة لمساعدتك على أن تعيش أكثر في اللحظة الحالية و تقلل من الإفراط في التفكير و تدع القلق .
فوائد الارتجال في الفصل الدراسي
يمكن أن يكون الارتجال أيضا أداة قوية في العملية التعليمية لأنه :
-
يهيئ بيئة آمنة وممتعة للشخص للخضوع للتعلم التجريبي الموجه ذاتيا.
-
مع الممارسة المنتظمة ، يكون الشخص قادرا على التفكير الذاتي في ما تعلمه واتخاذ خيارات أفضل.
-
لا يؤدي هذا النمو الشخصي إلى أن يكون مرتجلا أفضل فحسب ، بل يصبح قادرا على نقل هذا التعلم إلى كل مجال من مجالات حياته ، سواء كانت علاقات شخصية أو عملا مهنيا .
-
الارتجال هو وسيلة رائعة لتطوير القيادة ، سواء كانت القيادة الذاتية أو قيادة الآخرين ، لأنها تضفي مهارات حياتية حاسمة يحتاجها كل شخص.
و قد أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن الطلاب بعد المشاركة في تمارين الارتجال قد أصبحوا يكتبون أكثر ، و يستمعون بشكل افضل ، كما تنمو مهارات التعاون بينهم ، الأمر الذى يؤدى الى ثقة بعضهم في البعض و يصبحون أكثر لطفا و قبولا للآخر و يتنازلون عن اطلاق الاحكام ، الى جانب تنمية و تطوير الجانب الابداعى لديهم مما يخلق الثقة في انفسهم . كل هذا من خلال عملية ممتعة تزيد من نشاطهم العقلى
الارتجال التطبيقي
بسبب كل هذه الفوائد النفسية و الاجتماعية و العقلية تم استخدام الارتجال في جميع أنواع المجالات و التخصصات أو بمعنى أدق استخدام القواعد الثلاث للارتجال : الاستماع والانفتاح والتعاون في علوم أخرى مثل :
-
الصحة النفسية
تشير الدراسات إلى أن الارتجال يساعد في تقليل القلق العام والقلق الاجتماعي والاكتئاب ويحسن نوعية الحياة والسعادة للأشخاص المصابين بالخرف والتوحد ومرض باركنسون.
-
العلاج
كما يتم استخدام الارتجال من قبل المعالجين لتحسين كيفية تفاعلهم مع عملائهم. يستخدم بعض المعالجين مبادئ الارتجال كأداة لكيفية تواصلهم مع العملاء ، بينما يدمج آخرون تمارين الارتجال في ممارستهم.
-
– العمل الاجتماعي
يستخدم الأخصائيون الاجتماعيون الارتجال بطريقة مماثلة للمعالجين. إما أنهم يستخدمون مبادئ الارتجال في تواصلهم مع العملاء أو يقودون ألعاب الارتجال كجزء من جلساتهم الجماعية..
-
الأعمال
الارتجال التطبيقي هو عمل تجاري كبير في … مهنة. هناك العديد من الأفراد والمجموعات التي تتشاور مع الشركات لمساعدة الفرق على تعزيز الإبداع وزيادة التعاون. اكتشفت شركات مثل Google و 3M و Netflix مدى فائدة الارتجال في النتيجة النهائية.
-
التكنولوجيا
يتم استخدام الارتجال في تطوير تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي. يبدو أن قاعدة ( نعم و.. ) مناسبة تماما لمساعدة الذكاء الاصطناعي على التعلم وتقديم قيمة للمستخدمين.
نظرية الذكاء المتعدد
في محاولة لتوسيع تعريف الذكاء ، طور أستاذ التربية بجامعة هارفارد هوارد جاردنر نظرية الذكاء المتعدد في عام 1983 والتي تنص على أن الشخص لديه أنواع مختلفة من الذكاء. في كتابه الصادر عام 1999 بعنوان “إعادة صياغة الذكاء” ، يعرف جاردنر الذكاء بأنه “إمكانية بيولوجية لمعالجة المعلومات التي يمكن تنشيطها في بيئة ثقافية لحل المشكلات أو إنشاء منتجات ذات قيمة في الثقافة”.
الفئات ال 8 هي:
-
الذكاء الشخصي – يسمى هنا الذكاء الذاتي
التمارين والأنشطة في الارتجال بمثابة مرآة. إنها تمكن الشخص المشارك فيها من رؤية نفسه وملاحظة أفكاره وعواطفه وسلوكياته وقدراته. بهذه الطريقة يمكنهم تحقيق ما قاله كل فيلسوف ومعلم روحي عبر التاريخ – اعرف نفسك.
الفوائد: الارتجال يطور المرء:
-
الثقة وقبول الذات
-
القدرة على التركيز والتركيز
-
القدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة باستمرار
-
القدرة على التحلي بالشجاعة والضعف
-
الوعي بكيفية تفكير المرء
-
الوعي بجودة الصوت الداخلي
-
الوعي بعواطف المرء
-
الوعي بالمسؤولية الشخصية من الخيارات المتخذة
-
الوعي بنقاط القوة ومجالات فرص التطوير
-
الشعور بالمرح
-
الذكاء الشخصي – يسمى هنا الذكاء الاجتماعي
تتطلب التمارين والأنشطة في الارتجال من الناس التواصل والتفاعل مع الآخرين لتحقيق هدف مشترك – عادة لرواية قصة جيدة. لا يمكن تحقيق الهدف إذا لم يعمل الناس معا بانسجام. من أجل الوصول إلى هذا الهدف ، يطور الناس المهارات وفهم ما هو مطلوب للعمل معا بفعالية وكيفية الاستمتاع به.
الفوائد: الارتجال يطور المرء:
-
الثقة مع أعضاء الفريق
-
القدرة على إنشاء علاقة والحفاظ عليها
-
القدرة على رؤية الأشياء من وجهات نظر جديدة
-
القدرة على قبول أفكار الآخرين ووجهات نظرهم
-
القدرة على التضحية بالأنا من أجل المجموعة
-
الذكاء الحركي – يسمى هنا الذكاء الجسدي
يطور الارتجال وعيا بجسد المرء ، وكيف يتحرك عبر الفضاء ويقرأ لغة جسد الآخر. العقل والجسم واحد. لا يمكنك التأثير على أحدهما دون التأثير على الآخر ، لذلك يمكنك التأثير على أفكارك وأفعالك من خلال الطريقة التي تستخدم بها جسمك. الوعي بالتعبير الجسدي مهم جدا أيضا للتواصل الفعال.
الفوائد: الارتجال يطور المرء:
-
الثقة والحزم من خلال التعبير الجسدي
-
القدرة على التواصل غير اللفظي
-
القدرة على ممارسة الحزم عند الحاجة
-
القدرة على استرخاء الآخرين بشكل غير لفظي
-
القدرة على بناء علاقة غير لفظية
-
القدرة على الاندماج جسديا والشعور بالراحة في أي بيئة
-
الذكاء اللغوي – ويسمى هنا الذكاء اللفظي
يضفي الارتجال مهارات الاتصال الأساسية التي لها تأثير إيجابي على الحياة اليومية. للإنسان الغير قادر على التواصل ، لأن كل ما تقوله وتفعله يكشف شيئا عنك. الارتجال الذي يركز على السرد والطرق المختلفة لرواية القصص يساعد الناس على إدراك العناصر التي تصنع قصة جيدة.
الفوائد: الارتجال يطور المرء:
-
القدرة السردية وكيفية إشراك القلوب والعقول من خلال القصة
-
مهارات الاستماع المتعاطفة بحيث يفهم المرء الآخرين حقا
-
القدرة على التعبير عن الذات بشكل أكثر فعالية
-
الذكاء البصري ويسمى هنا الذكاء المكاني
في الارتجال ، يخلق الناس أشياء وبيئات خيالية وحتى أشخاصا في الفضاء. من أجل الاعتراف بالأشياء التي تم إنشاؤها وتكريمها ، يجب على المرء أن يكون على دراية بمكان وجودها في الفضاء. مشاركة المسرح تعني أن الناس يجب أن يعرفوا أين يوجد الآخرون وماذا يفعلون.
الفوائد: الارتجال يطور المرء:
-
الوعي بالفضاء
-
القدرة على خلق ومشاركة التركيز في الفضاء
-
القدرة على إنشاء كائنات وبيئات خيالية في الفضاء
-
القدرة على حمل الأشياء الخيالية في العقل
-
الذكاء الموسيقي
في الارتجال يغني الناس وقد يرتجلون الموسيقى. تتطلب هذه المهارات فهما للإيقاع والإيقاع والنغمة والنغمة.
الفوائد: الارتجال يطور المرء:
-
القدرة على تغيير درجة الصوت والنغمة والحجم والإيقاع
-
القدرة على خلق والحفاظ على الإيقاع
7 . الذكاء الإبداعي
البشر لديهم حاجة أساسية للنمو كبشر. التعبير الإبداعي ، بأي شكل من الأشكال ، أمر أساسي لرفاهيتنا الجسدية والعاطفية والروحية. نتيجة الإبداع هو النمو الشخصي. الإبداع مثل العضلات ، يجب العمل من أجل تطويره. يطور الارتجال إبداع الفرد ومرونته العقلية ومهارات التفكير بعدة طرق.
الفوائد: الارتجال يطور المرء:
-
الخيال والقدرة على توليد أفكار جديدة
-
العفوية والقدرة على التقديم دون أفكار مسبقة
-
القدرة على تحمل المخاطر والتغلب على الخوف من الفشل والحكم
-
القدرة على الانفصال عن أي توقعات وتحديد طرق التفكير والتصرف
-
القدرة على احتضان واستكشاف الغموض والطرق المختلفة للقيام بالأشياء
-
القدرة على الاستفادة من حدس المرء والثقة في الغرائز الإبداعية الطبيعية
-
القدرة على تأخير التصرف بناء على أحكام الآخرين والموقف
-
القدرة على الانفتاح على الأفكار الأخرى ودعمها والبناء عليها
-
القدرة على تبرير أيهما يخلق أشياء جديدة من خلال وضعها في سياق وإعطائها سببا للوجود
-
القدرة على حل المشاكل بطرق جديدة ومختلف